توصية بتأسيس صندوق لمعالجة الديون المتعثرة في البنوك وإنشاء مؤسسة لضمان ودائع العملاء<br/>
أوصت دراسة تحت عنوان "الآثار الاقتصادية والاجتماعية والمخاطر المترتبة على التوسع في القروض الاستهلاكية في فلسطين"، سلطة النقد الاستمرار في التركيز على التشدد في إجراءات منح رخص لإقامة مصارف أو فروع جديدة بهدف زيادة رأسمال المصارف، وتوفير بيئة وأسس تحفز الجمهور على زيادة الطلب.
ومن التوصيات التي طالبت بها الدراسة التي تم عرض نتائجها، أمس، في معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني "ماس" بمقره في رام الله، العمل على إنشاء صندوق يهدف لمعالجة الديون المتعثرة على أن تقتطع أمواله من أرباح المصارف، إضافة للعمل على إنشاء مؤسسة لضمان ودائع العملاء.
كما طالبت الدراسة التي أعدها د. فتحي السروجي من جامعة بير زيت والباحث في "ماس" د. مهند أبو أرجيلة، المستثمرين والمستوردين التركيز على الاستثمار في السلع والخدمات التي تؤخذ القروض من أجل تمويل شرائها، وتحسين جودة السلع والخدمات المنتجة لتعريف المستهلك بها، وتقليل استيرادها كلما ازداد الإنتاج المحلي منها .
كما أوصت المقترضين بقراءة نص عقود القروض لمعرفة ما لهم وما عليهم، وتقديم ضمانات حقيقية مقبل القروض الاستهلاكية حتى لا يقعوا في مخاطر التعثر المحتملة، كما أوصت إدارة المصارف زيادة القروض الاستهلاكية لأن معدلات التعثر فيها أقل من معدلات التعثر في القروض الاستثمارية، والتأكد من حقيقية الضمانات التي يقدمها المقترضون وإعادة تقييمها بين فترة وأخرى .
كما طالبت الحكومة والدولة بإقرار القوانين والأنظمة الناظمة للنظام المالي بصورة عامة والنظام المصرفي بصورة خاصة والعمل على إنشاء جهاز قضائي متخصص في القضايا المصرفية.
وأظهرت الدراسة أن زيادة القروض الاستهلاكية يؤثر سلبا على الناتج القومي وعلى نسب البطالة، وتوقعت أن ينخفض الناتج القومي بنسبة 1% اذا ما زادت القروض الاستهلاكية 100 مليون دولار، كما تؤثر سلبا على نسب البطالة بذات الكيفية.
وخلصت الدراسة أيضا الى وجود علاقة عكسية بين الفروض ونسب الطلاق، وأنه لا تأثير للقروض على نسب الزواج وعلى حجم الفقر.
وذكرت "أن صافي التسهيلات الائتمانية المباشرة في الربع الأخير من عام 2012 بلغت 2214 مليون دولار للقروض، وتمثل 81%، في حين وصلت قروض الجاري المدين 522.6 مليون دولار بنسبة 19%، مشيرة إلى ازدياد القروض المصرفية الاستهلاكية (تمويل شراء الأثاث والسيارات والشقق السكنية) بنسبة 292% من الربع الأول لعام 2008 حتى الربع الرابع من عام 2012، وان نسبة القروض الاستهلاكية بلغت 3.8% في العام 2008، وازدادت في العام 2011 لتصل إلى 7.6%".
وأثار تعريف القروض المصرفية الاستهلاكية جدلا ونقاشا واسعا بين صفوف المشاركين، وأجمع معظمهم على عدم جواز تصنيف قروض الشقق السكنية ضمن القروض الاستهلاكية، وهو ما يؤثر بطبيعة الحال على حجمها ونسب تعثرها.
وترى الدراسة أن نسبة إجمالي القروض إلى الناتج المحلي الإجمالي سجلت ارتفاعا محدودا تصل إلى 48% من الناتج المحلي، لكنها ما زالت منخفضة إذا ما قورنت بدول أخرى سواء كانت نامية أو متقدمة.
كما لاحظت الدراسة أن نسبة القروض المتعثرة من مجمل القروض تناقصت من حوالي 12% سنة 2007 إلى 2.8% سنة 2011، وان حصة القروض الاستهلاكية لا تتجاوز 15% من مجمل القروض المتعثرة للسنوات الست الماضية، مشيرة إلى أن متوسط أسعار الفائدة على القروض لسنة 2012 كانت 6.97% على التسهيلات بالدولار،وبالدينار بنسبة 8.11%، وبالشيقل 11.29%، مبررا ارتفاع نسبة التسهيلات بالشيكل لأن معظم الودائع تكون قصيرة الأجل ولا تفضل البنوك إعطاءها كقروض طويلة الأجل.
وطالب مدير معهد "ماس" د. سمير عبد الله سلطة النقد بالعمل على تخفيضها لأنها عالية وقد تصل الى ضعف نسبها في دول العملة الأصلية، واصفا نسب العائد على حقوق الملكية 12% بالجيدة جدا.
وتشير الدراسة إلى المخاطر التي تواجه التسهيلات الائتمانية وأهمها هبوط سعر صرف العملة ومخاطر التضخم ومخاطر التعثر، ولمواجهة هذه المخاطر ذهبت البنوك لزيادة الائتمان بهدف الاستهلاك وتمويل شراء السلع المعمرة، في حين يتردد رجل الأعمال في التوسع بالحصول على التسهيلات الاستثمارية.
وبينت الدراسة أن المصارف تعاني العديد من المشاكل ويقف على رأسها عدم الاستقرار السياسي وانقطاع رواتب موظفي القطاع العام، والمشاكل القضائية بسبب ضعف النظام القضائي وتأخر البت في القضايا وعدم وجود محاكم متخصصة في المجالات المصرفية.
ولفتت الدراسة الى تشجيع سلطة النقد المصارف العاملة على تنويع مصادر التسديد، حيث لا يسمح للمصرف بتركيز قروضه في قطاع معين بنسبة تزيد عن 20% من قيمة محفظة القروض وعدم تجاوز نسبة القرض 50% من راتبه المصرح به.
وتلزم سلطة النقد المصارف باقتطاع 15% من صافي أربحاها سنويا لصافي التقلبات الدورية، ويستمر هذا الاقتطاع حتى يصل رصيد هذا الاحتياطي إلى 20% من رأس المال المدفوع للمصرف.
وعقب المدير العام لإدارة الرقابة على المصارف في سلطة النقد رياض أبو شحادة على الدراسة وقال: "تمكنت سلطة النقد من رفع نسب الإقراض، وذلك من خلال تخفيض نسبة الودائع في الخارج من 65% إلى 55%، وبناء مكتب المعلومات الذي مكن من الحصول على معلومات كافية عن المقرض والكفلاء، ما ساهم في تخفيف نسب التعثر، موضحا أن نسب التوظيفات في الخارج لا تزيد عن 700 مليون دولار".
وتطرق أبو شحادة لإجراءات سلطة النقد فيما يتعلق بقروض موظفي القطاع، بحيث تكفل لهم احتياجاتهم في حال انقطاع الرواتب، موضحا أن 94 ألف موظف حكومي مقترض.
وأضاف "التسهيلات التي تمنحها المصارف للسلطة لا تزيد عن حدود الملكية لسلطة النقد ولا تتجاوز 1.3 مليار دولار".
واعترض أبو شحادة على بعض التوصيات التي تتعارض مع توجهات سلطة النقد بالتوسع، لأن التوسع يزيد من فرص الاقتراض والاستثمار.
ورأى وزير المالية السابق نبيل قسيس أن الدراسة لم تجب عن الأسئلة التي طلبتها وزارة المالية حينما كان وزيرا لها، لمعرفة تأثير القروض الاستهلاكية وعلى الأخص قروض السلطة على عملية النمو الاقتصادي، خاصة وأن دورة الاقتصاد تتأثر مباشرة بالرواتب، وإمكانية توجيه سياسة الإقراض بشكل أفضل يساعد على النمو الاقتصادي.